صدر للأستاذ المساعد الدكتورة سهام مطشر الكعبي / رئيس قسم البحوث النفسية / مركز البحوث التربوية والنفسية / جامعة بغداد كتاباً بعنوان ( العنف في السلوك البشري …. قراءة من منظور اللاتفرد ) .
   وقد تناول الكتاب الذي بين يديكم العنف في السلوك البشري بالتحليل الدقيق لهذه الظاهرة من الناحية النفسية الا انه سوف يتحدد بظواهر العنف الجمعي      Collective violence  و لن يتطرق لظواهر العنف الفرديIndividual  violence  مثل العنف الأسري, او العنف الزواجي, او العنف ضد النساء , او العنف ضد الأطفال, وانما يتحدد فقط بالعنف الذي توجهه مجموعة من الناس ضد شخص ما او ضد مجموعة اخرى تحت تاثير حالة نفسية استثنائية يمر بها البشر تحت ظروف وشروط معينة اصطلح على تسميتها بحالة اللاتفرد Deindividuation   وهناك مدى واسع جدا من الامثلة والحالات التي تندرج تحت هذا العنوان منها :العنف الطائفي, والحرب الاهلية, وعنف الغوغاء واعمال الشغب, والابادة الجماعية, والمجازر والمذابح الجماعية, واعمال الشغب في الملاعب الرياضية, واساءة معاملة السجناء والمعتقلين من جانب السجانين كما حدث في سجن ابي غريب في بغداد عام 2004 واساءة معاملة اسرى الحروب من جانب آسريهم, وتعامل رجال الشرطة مع المتظاهرين والمحتجين واخيرا الجرائم و الاعمال الارهابية بمختلف اشكالها واساليبها .
   على انه لابد من الاشارة الى ان عرض وتحليل وتفسير هذه الظواهر وصولا الى سبل الحد من العنف وتحجيمه في كل منها سوف يكون من وجهة النظر النفسية ومن وجهة نظر علماء النفس الاجتماعيين حصرا وسوف لن نعرض لآراء علماء الاجتماع الذين درسوا ظاهرة  اللاتفرد ايضا كونها اطارا نظريا لتفسير هذه الظواهر العنفية اذ ان مستوى التحليل من جانب علماء الاجتماع يختلف نوعا ما, فالتركيز من جانبهم ينصب على العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتاريخية التي يمكن ان تؤثر في مجرى الاحداث في المجتمع , اما  ما يخص علماء النفس الاجتماعيين فان  مستوى التحليل هو الفرد في سياق الموقف الاجتماعي مع التاكيد على دور العمليات النفسية الداخلية.  
   و يشتمل الكتاب على تمهيد وفصلان رئيسان , اذ عرضنا في التمهيد نماذج من السلوكيات العنيفة في الحياة الاجتماعية للبشر والتي تندرج تحت سياق ظاهرة اللاتفرد حصرا.
   وتناولنا في الفصل الاول مفهوم اللاتفرد وجذوره النفسية واسباب هذه الظاهرة والنتائج المترتبة عليها .
   اما الفصل الثاني فانه يعرض المداخل النظرية الرئيسة التي فسرت ظاهرة اللاتفرد تاريخيا والتي تتحدد بثلاث مداخل رئيسة هي :-

اولا : المداخل الكلاسيكية بدءا بنظرية ( كوستاف لوبون ) 1895مرورا بنظرية ( فستنجر وبيبيتون ونيوكومب ) 1952 الذين كان لهم السبق في صياغة مفهوم اللاتفرد وطرحه في ادبيات البحث النفسي وانتهاءا بما قدمه ( زيمباردو ) 1969 .
ثانيا
:  المداخل المعاصرة التي بدأت بما طرحه ( داينر )1979 وما طرحه ( برنتك –دن وروجرز ) 1981 ,1982 على التوالي .
ثالثا
: الانموذج الاحدث هو انموذج الهوية الاجتماعية لتاثيرات اللاتفرد الذي قدمه كل من ( بوستمز وسبيرز )1995.
   ومن خلال عرض هذه النظريات والنماذج سوف تعرض الدراسات التي اختبرت فرضيات اللاتفرد ونتائجها اذ ان اللاتفرد قد درس تجريبيا في تجارب مختبرية وفي تجارب ميدانية ودرس ارتباطيا وعن طريق الملاحظة الطبيعية وعن طريق تحليل المحتوى .
   ومع دخول الانترنت للحياة الاجتماعية كان لابد من دراسة ظواهر العنف التي يسببها اللاتفرد في التفاعلات الاجتماعية التي تحدث في الاتصالات عبر الانترنت وقد عرضت التنظيرات ذات الصلة و نتائج ابرز الدراسات في هذا السياق .
   اسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق لما فيه خدمة بلدنا الحبيب الذي عانى لعقود عديدة من شتى ضروب العنف  .

Comments are disabled.