استضافت جمعية الثقافة للجميع – على قاعة التكرلي، أ. م. د. حنان العبيدي، التدريسية في المركز، لإلقاء محاضرة حول (العنف ضد المرأة)، وبإدارة (أ. د. غادة ثاني الحسن) كلية الآداب – الجامعة المستنصرية، فتناولت فيها تشخيص مسحي حول المؤسسات والمنظمات التي تعاملت مع هذه الظاهرة والتي لم تكن وليدة العهد الحاضر بل تمتد الى عشرات السنين، وقد استهلت العبيدي حديثها بالقاء مجموعة من الأسئلة العلمية في إمكانية إحصاء واقع الفعاليات التي صرفت لأجلها ملايين الدولارات، دون إعطاء مؤشرا واضحا الى اثر هذه الأنشطة والفعاليات سلبا او إيجابا، واستطردت باستدرار الإجابة على اسئلتها بقولها: هل كان لدى هؤلاء مؤشرات لحجم العنف قبل الإقرار والعمل بالبرامج التي توالت منذ اكثر من (10) أعوام وهل لديهم مؤشر واضح الى التخفيف من العنف وكم هو حجمه، ان لم نقل بانه قد ازداد وتضاعف لألأسباب التالية:
1- انعدام الرؤيا لواقع وأنواع العنف المستخدم ضد المرأة في واقعنا العراقي المعاصر.
2- تشتت الجهود وتبعثرها في فعاليات صغيرة ومجتزأة ولشرائح لم يتم دراسة حالتها مسبقا، وهل أن هذه العناصر تعاني فعلا من العنف ، وما هو نوعه؟
3- معظم الفعاليات التي أقامتها اعداد لا بأس بها من منظمات المجتمع المدني، حول موضوعة العنف لم تكن علمية أو مدروسة، فضلا عن تقديمها من قبل شخصيات غير مؤهلة أو مختصة.
4- لم تحضى التوصيات التي تخرج بها المؤتمرات أي اهتمام من قبل الجهات المختصة.
5- اقتصرت معظم المحاولات على الجانب النظري وتشخيص المشكلات دون الذهاب الى الحلول العملية، مع غياب الآليات المناسبة لتنفيذ بعض المقترحات.
6- بعض الدعوات كانت تستهدف في بعض الأحيان الثوابت الدينية، أو الأعراف والتقاليد بشكل غير مدروس وإندفاعي، مما شكل ردود أفعال مغايرة عطلت الكثير من الجهود في معالجة المشكلة بطريقة منطقية.
7- طُرح موضوع العنف بأسلوب خاطئ يثير استعداء الرجال وذلك من خلال تصويرهم الطرف العدو والمجرم الذي ينبغي معاقبته وبأساليب تزيد من وتيرة العنف، بل تقابل العنف بمثله ، حتى أن معظم عناوين المؤتمرات والندوات والورش التدريبية كانت تبدأ بمصطلحات عنيفة، مثال ذلك:
أ. مكافحة العنف ضد المرأة، وهذا يعني أن هنالك طرف مستهدف ينبغي محاسبته بطريقة شديدة واستبعاده.
ب. القضاء على العنف ضد المرأة، وهنا أيضا يبدو وكأنه دعوة لإبادة الطرف الآخر.
ت. محاربة العنف ضد المرأة، وهنا تبدو الدعوة بما يشبه النفير العام لمواجهة عدو واضح المعالم، ومكشوف المواضع الا وهو الرجل.
8- تم اعتماد الكثير من المواثيق الدولية وتبنيها على الرغم من عدم موائمتها لطبيعة المنظومة الاجتماعية للشعب العراقي، مما شكلت رفضا إعلاميا وشعبيا، وعطلت الكثير من الجهود لمعالجة بعض المشكلات التي تؤدي الى العنف ضد المراة.
وإنطلاقا من كل ما تقدم من تشخيصات الدكتورة (حنان العبيدي)، انتهت الى حقيقة لم تنتبه اليها الجهات المعنية بمشكلة العنف ضد المرأة، ألا وهي تأثيث الوعي الجمعي الرجولي منذ آلاف السنين بما يجعل منها مخلوقا أدنى في السلم الاجتماعي قد يصل أحيانا الى ادنى من دابّة.
لذا أخذت بالحسبان إعادة ترتيب دينامية العلاقة بين (الرجل والمرأة) وذلك من خلال تنظيم الوعي الجمعي بما يتناسب وطبيعة كل منهما على وفق ما وضعه دستور الإنسانية جمعاء ألا وهو (القرآن الكريم)، فبدأت بتصحيح أول تحريف حصل بما يتصل بالخليقة الأولى وحكاية الغواية وخروج (آدم وزوجه) عليهما السلام من الجنة، ذلك التحريف الذي أدى الى تشكيل عقدتان نفسيتان هما (عقدة الإنتقام) لدى الرجال، (وعقدة الذنب) لدى المرأة، وقد قدمت دراسة مستفيضة في مدى التحريف والخطأ الذي تغلغل في هذه الحكاية، وتناولته بشغف كل من الأساطير والقصص والأشعار، وكل أنواع الأدب المقروء والمسموع والمرئي، فضلا عن الفنون التشكيلة التي صورت جميعها أن (حواء) زوج آدم هي التي تحالفت مع الشيطان وأغوت آدم بمخالفة رب العزة عما نهاه عنه، في حين أن القرآن الكريم قد صحح هذا المعتقد منذ اكثر من (1400) عام ، ولكن السواد الأعظم من المسلمين بقوا على هذا الخطا، حتى تم تصحيحه في مؤتمر (القرآن الكريم باب لكل علم وتبيان لكل شيء) بالتعاون بين جامعة بغداد والمانة العامة للعتبة الحسينية المطهرة، ومن خلال البحث الموسوم الذي قدمته (أ. م. د. حنان العبيدي) بعنوان (أطفاء عقدتي الذنب والإنتقام في حكاية اصل الغواية من خلال القرآن الكريم) ، وكان لهذا البحث أصداء كبيرة في تناوله من قبل الفضائيات العراقية فضلا عن نشره في جريدة (الأهرام القاهرية).
هذا وقد نشرت جريدة (الاتحاد) في العدد (3618) يوم الثلاثاء الموافق (2/9/2014) تحقيقا بقلم (فارس الشمري) تضمن اهم المحاور التي تناولتها محاضرة (د. حنان العبيدي).