حوار الحره مع الاستاذ المساعد الدكتور سفيان المعاضيدي وبعض المختصين

في العراق، توجه آلاف الأشخاص لأداء مراسيم زيارة مرقد موسى بن جعفر الكاظم، رغم إجراءات الحجر الصحي المفروض لمواجهة انتشار فيروس كورونا في البلاد.
ورغم الخطر، تجمع عراقيون في المساجد والحسينيات، يردد بعضهم هتافات تتحدى فيروس كورونا، وتتهم أطرافا دولية، ومحلية احيانا بنشره

وليس العراقيون وحدهم من تحدوا إجراءات الحجر الصحي وتجمعوا في الشوارع، فقد نزل آلاف من المصريين في “تظاهرات” للتنديد بفيروس كورونا، وحمل تجمع المصريين سمة دينية أيضا، حيث أطلقت خلال التظاهرات “التكبيرات” بدلا من الهتافات.

ومثلهم فعل الإيرانيون، الذين أصروا على تشييع قيادي في الحرس الثوري توفي بالمرض، رغم معدلات العدوى الكبيرة التي تهدد إيران بشكل فعلي.
كما إن حالات كثيرة سجلت حول العالم، لمصلين يتجمعون في كنائس ومساجد للصلاة، على الرغم من مخاطر التجمع الصحية، كما حصل في كنيسة في كوريا الجنوبية، ومسجد في ماليزيا، ومناطق أخرى من العالم.
يقول المتخصص في الصحة النفسية، العراقي سفيان المعاضيدي لموقع “الحرة” أن “بعض الشعوب عاشت ما هو أقسى من الوباء فلم يعد يهمها الوباء أو المرض إذ ترى برؤيتها الإيمانية أن كل ما يأتي مقدر من الله، و المقدر لا مجال لرده و على المؤمن الرضى بالقضاء والقدر من رب العباد”.
لكن ليس كل من تحدى الحظر انطلق من دواع دينية، فقد تجمع آلاف الشباب الأميركيين في “حفلة الربيع” في فلوريدا، قبل أيام قليلة من انتشار كثيف للوباء في الولاية التي تعيش حظرا للتجوال حاليا، كما تجمع مئات الشباب الأستراليين في حفلة على الشاطئ، رغم الإجراءات المشددة التي حاولت الحكومة الاسترالية فرضها لمنع التجمعات.

وفي السعودية انتشرت مقاطع مصورة لشباب يحاولون كسر الحظر بطرق طريفة، تخفى بعضهم بارتداء أكياس للقمامة، وآخرون بالدخول في صناديق كارتونية.
وانتشر مقطع لأطفال عراقيين يهتفون بمرح خلف عربة تابعة لوزارة الصحة، تقوم بتعفير الشوارع وتعقيمها، وامتنعوا عن التفرق حتى بعدما قام المسؤول الصحي برش المادة المعقمة على بعضهم.
كما شارك مسؤولون عراقيون، منهم قادة أمنيون، في “احتفال ريفي” بقضاء الشرقاط شمالي محافظة صلاح الدين.

يفسر الأخصائي النفسي سفيان المعاضيدي هذا بقوله إن “غير المرئي من الحوادث لا يؤثر نفسيا بشكل كبير، ولا يثير القلق كما تثيره الأخطار المرئية كالكوارث الحربية والطبيعية وغيرها، التي تحفز الإنسان على محاولة حماية نفسه بينما لا يعرف كيف يحمي نفسه من الشيء غير المرئي، مثل خطر العدوى بالفيروس”.
وأيضا، قد يكون البحث عن “مغامرة” وشعور “التحدي”، سببا لدى بعض الشباب للخروج في الأحوال الخطرة، كما يقول المعاضيدي.
لكن للأخصائي الاجتماعي واثق صادق رأي آخر، إذ يشير إلى وجود “أزمة في الثقة بين الفرد والسلطة”، متوقعا أن “يكون اهتزاز الثقة بما تصدره تلك السلطة من بيانات ومعطيات وأرقام تتعلق بالمصابين والضحايا وحالات الشفاء، وهو ما يجعل الناس لا يأبهون كثيرا، بل حتى لا يقيمون وزنا لخطورة المرض وفتك الفيروس”.
ويشير صادق إلى احتمال آخر وهو “مفهوم الوحدة النفسي الأنثروبولوجي”، مضيفا أنه “على الرغم من اختلاف الحضارات والثقافات في المجتمعات على امتداد التاريخ والأزمان، يمكن القول أن البشر محكومون بما يشبه النزوع نحو سلوك واحد في مواجهة مؤثر معين، أي أن تكون هناك استجابات سلوكية محددة متشابهة باتجاه المؤثر، وهو بذلك يقترب من قوة العادة التي تفرض حضوراً طاغياً في سلوك البشر، وهنا تسقط أي تعليمات وضوابط ولوائح تنظم السلوك مهما بلغت من القوة والقهر الذي تمارسه مؤسسات الدولة”.
ويتابع صادق “في الوقت نفسه، يمنح اليقين والايمان الشخصي والمعتقدات التي يحملها الأفراد قوة إضافية لقوة العادة التي تسم سلوك الأفراد في كل مكان على اختلاف المجتمعات التي ينتمون إليها”.
لكن علميا، يعتقد الأطباء وخبراء الأوبئة أن “سياسة التباعد الاجتماعي والبقاء في المنازل هي أفضل رهان متوفر للبشرية في هذا الوقت”، كما يقول الطبيب في مديرية الوقاية الصحية العراقية هاني محمد.
ويؤكد محمد أنه “على الرغم من أن الحجر الصحي الطوعي إجراء مؤلم للمجتمعات وضار اقتصاديا بشكل كبير، إلا أنه الطريقة الوحيدة الممكنة حاليا لدحر الفيروس بسرعة”، مشددا على أن “الأضرار الاقتصادية والاجتماعية والصحية لكسر الحجر والتجمع هي أخطر بكثير على المدى الطويل من تطبيق حجر قاس وشامل وحازم على المجتمعات لفترة قصيرة لاحتواء العدوى”.
وتحاول الشركات، والمؤسسات الطبية والإعلامية، والمشاهير حول العالم، بالإضافة إلى السلطات الصحية في جميع الدول تقريبا، إقناع الناس بالبقاء في منازلهم، كما فرضت العديد من دول العالم حجرا صحيا إجباريا مفتوحا، وألغي دوام المدارس وأوقفت الأعمال “غير الضرورية”.
وتكبد الاقتصاد العالمي بسبب الفيروس وإجراءات الحجر خسائر تقدر بأكثر من ترليوني دولار حتى الآن، فيما يقول الخبراء إن “انتشار الفيروس لم يصل إلى أشده حتى الآن”، في الوقت الذي سجلت فيه أكثر من 471 ألف إصابة مؤكدة حول العالم توفي منها أكثر من 21 ألف شخص.
ولاتزال الصين تتصدر أعداد الإصابات بأكثر من 80 ألف إصابة مؤكدة، تلتها إيطاليا بأكثر من 74 ألف إصابة والولايات المتحدة بنحو 69 ألفا.
فيما سجلت إيطاليا أكثر من 7 آلاف وفاة بالفيروس تلتها إسبانيا بأكثر من 3600 والصين بـ3163 وفاة.

No comment

اترك تعليقاً